معرفة

مفاهيم قرآنية في البناء والتنمية

مفاهيم قرآنية في البناء والتنمية

مفاهيم قرآنية في البناء والتنمية 

السبت 06 ذو القعدة 1433 هـ , 22 سبتمبر 2012
***

 

الكاتب:

د/ عبد الكريم بكار

قراءة

فضل محمد البرح

الطبعة :

الأولى 1426هـ

عدد الصفحات :

113 صفحة من القطع المتوسط

الناشر :

مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي.

 

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

كتاب" مفاهيم قرآنية في البناء والتنمية" لكاتبه الدكتور/ عبد الكريم بكار؛ قالب جديد لفهم القرآن الكريم، وسبر أبعاده وملامسة دلالته العميقة، حيث تحدث الكاتب عن أهمية قراءة النص القرآني بخلفية معرفية وثقافية، وصرح على اهتمام القرآن الكريم بالجوانب الرئيسية للشخصية المسلمة كالجوانب الإيمانية والعقدية والاجتماعية، بيد أنه تناول في هذا الكتاب مفاهيم من الجانب الفكري والتنمية الثقافية؛ حيث أنشأ طريقاً مغايراً للنظر في النصوص القرآنية؛ باعتبار مسيس الحاجة إليها في هذه المرحلة من ناحية، وإشارة القرآن الكريم بأغواره ومراميه من إلى ذلك من ناحية أخرى.

وقد ركز الكاتب في ثنايا حديثه حول أفكار ومفاهيم محددة ومقننة ليس على سبيل البسط؛ بل على طريقة الإيجاز الماتع، بيراعه السيَّال؛ مساهمة منه في تشكيل نواة لانطلاق أكثر وعياً نحو كتاب الله تعالى وفهمه وربطه بقضايا العصر.

وكانت البداية في تسطير الحروف عن عظمة الخالق سبحانه وتعالى في تشكيل عقلية الإنسان، ومدى القدرات الهائلة التي أعطيت لهذا الكائن البشري، وتفوقه في الإبداع والإنتاج؛ حيث تتبدى قوة الخالق وسر صنعه البديع الذي جعله يتحدى كل الخلائق فقال الله تعال:( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه).

وأكد الدكتور بكار على دور الإنسان؛ باعتباره محور الكون في التغير والتطوير وفق ما أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالى:( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ). حيث يقول:" الإنسان في الرؤية الإسلامية هو مركز الكون، وبتغييره نحو الأحسن يتحسن كل شيء، وإذا تردى تردى كل شيء".

 وأضاف بأن على الأمة أن تتعامل في هذا الكون وفق الممكن وعدم الطمع فوق الطاقة لأننا كما يقول:" كثيراً ما نحرم أنفسنا من عمل المستطاع والمتيسر لأننا نطمع لأشياء فوق طاقتنا... وتكون الفجوة كبيرة بين ما هو ممكن وما هو مطلوب".

   ورفع من شأن التفاوض في تنمية الفكر وجعله مطلباً ملحاً، باعتبار الحوار يشكل  مرتبة عالية للصول إلى الحقيقة؛ لأن كيراً من الأحيان كما يقول:" لا نلقي بالاً للمعلومات الناقصة والمشوهة، ونعتمدها في حواراتنا وفي فهمنا للأشياء".!!

ثم تكون هذه المعلومات الناقصة عليها بناء المستقبل، وهذا يشكل خطراً، فمن الخطأ أن يكون المستقبل مبنياً على أسس هشة، باعتبار المستقبل في الإسلام كما أشار المؤلف أنه:" لا فرق في الرؤية الإسلامية بين مستقبل ومستقبل، فحياة الإنسان المسلم في الآخرة هي امتداد لحياته في الدنيا". التي توجب عليه أن يبني ذاته ومستقبله البناء الراسخ، وهنا تأتي أهمية التساؤل وبناء المعلومات الدقيقة، وعدم الركون إلى التلقي الذي لا يخدم البناء الفكري الصحيح، وهذا دور كبير يلقي بظلاله بدرجة أوسع على المعلم الناجح الذي تحتاجه الأمة، وهو كما ألمح إليه المؤلف:" الذي يشجع الطلاب على التساؤل والنقد والنقاش والتعليق والإضافة". وهذا ما غرسه القرآن الكري في مواضع عدة يتجلى في حوار الأنبياء مع أقوامهم، وموسى مع الخضر...

وهذا لا يكون حسب الكاتب:" إلا بالاعتراف بالحق والخضوع له والسعي في طلب الحقيقة والتكيف معها، وتعد البداية الحقيقة لكل نهوض وتقدم، وهي أيضا شروط للاستمرار في طريق الصحيح" ويعتمد بشكل أساس على رأي بكار على المنهج التجريبي الذي يمثل الابتكار والإبداع والتجديد المستمر إلا أنه من المؤسف كما يقول:" أن كثيراً من المسلمين ابتدعوا في أمور الدين حيث أمروا بالإتباع، وقلدوا في أمور الدنيا حيث أرشدوا إلى الإبداع والابتكار " وهذا ليس بالمنهج القويم الذي رسمه لنا القرآن الكريم " الذي أبرز لنا نموذج المسلم المبادر والمثابر وصاحب اليد العليا" حسب كلام المؤلف، فظهرت الأمة في حالة عجز في الجوانب الإبداعية وعدم السباق والمبادرة إلى الارتقاء بالإنسان وصلاحه ونجاحه على الصعيدين الدنيوي والأخروي، والسبب في ذلك حسب رأي الدكتور هو:" أن الهدف حين يدرك بطريقة رتيبة أو مبتذلة كما هو موجود عند معظم العامة فإنه لا يستحثنا على العمل، والبذل، وإنما يصبح شيئا يتردد في الأفواه وليس أكثر".

كما أشار إلى دور استخدام اللغة في تنمية الملكة الفكرية والثقافية والنظر في النص القرآني فقال:" إن قدرة الإنسان على التعبير عن أفكاره ومشاعره وحاجاته نعمة من أعظم النعم... حيث تشكل اللغة فارقاً من أهم الفوارق... فكلما ارتقى الإنسان ارتقت اللغة التي يستخدمها".

وختم كتابه بعوائق التنمية الفكرية في الأمة، وإعراضهم عن هدي ربهم، وتأثير ذلك في نزرع الإحباط في نفوس الجيل، مذكراً بأن:" أفضل مناعة يمكن أن نكتسبها من أجل مقاومة الإحباط تتمثل في الشعور أننا نتقدم ونرتقي، ونتناغم مع معتقداتنا ومبادئنا... فالفجوة بين سلوكياتنا ومواقفنا وبين ما نعده جوهريا في الحياة تشكل مصدراً من مصادر الإحباط، كما أن الالتزام يشكل مصدراً من مصادر الاستبشار والتأنق الروحي".

ووصل الكاتب في نهاية المطاف إلى أهمية الرجوع إلى" سير العظماء من أبناء هذه الأمة وأبناء الأمم الأخرى لنجد أن كثيرين منهم انطلقوا مما يشبه الصفر". وذلك لكونهم يمتلكون القدرة على رؤية الإمكانات الصغيرة وتنمية الإيجابيات القليلة مع الثقة بالله تعالى واستلهام مبادئ دينهم الحنيف.