معرفة

تفسير سورة الإخلاص

هذه السورة كان الرسول ﷺ يقرأ بها في الركعة الثانية في سنة الفجر وفي سنة المغرب وفي ركعتي الطواف وكذلك يقرأ بها في الوتر لأنها مبنية على الإخلاص التام لله، ولهذا تسمى سورة الإخلاص.

الخميس 01 رمضان 1436 هـ , 18 يونيو 2015 (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ )) ذُكر في سبب نزول هذه السورة: أن المشركين أو اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: (صف لنا ربك؟) فأنزل الله هذه السورة [أخرجه الترمذي، وأحمد]. (( قُلْ )) الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وللأمة أيضاً. (( هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )): (هو): ضمير الشأن عند المعربين. ولفظ الجلالة (الله): هو خبر المبتدأ، و (أحد): خبر ثان. (الله أحد): أي هو الله، الذي تتحدثون عنه، وتسألون عنه = (أحد). أي: متوحد بجلاله وعظمته، ليس له مثيل، وليس له شريك، بل هو متفرد بالجلال والعظمة -عز وجل-. (( اللَّهُ الصَّمَدُ )) جملة مستقلة.. بيّن الله تعالى أنه (الصمد). أجمع ما قيل في معناه: أنه الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته. فقد رُوي عن 'ابن عباس': (أن الصمد هو: الكامل في علمه، الكامل في حلمه، الكامل في عزته، الكامل في قدرته..) إلى آخر ما ذكر في الأثر [الطبري في تفسيره، والبيهقي في الأسماء والصفات]. وهذا يعني أنه مستغنٍ عن جميع المخلوقات لأنه كامل. وورد أيضاً في تفسيرها أن الصمد هو الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، وهذا يعني أن جميع المخلوقات مفتقرة إليه. وعلى هذا فيكون المعنى الجامع للصمد هو: (الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته). (( لَمْ يَلِدْ )) لأنه -جل وعلا- لا مثيل له، والولد مشتق من والده وجزء منه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في 'فاطمة': «إنها بَضْعَةٌ مني» [متفق عليه]، والله -جل وعلا- لا مثيل له. ثم إن الولد إنما يكون للحاجة إليه إما في المعونة على مكابدة الدنيا، وإما في الحاجة إلى بقاء النسل. والله -عز وجل- مستغنٍ عن ذلك. فلهذا لم يلد لأنه لا مثيل له؛ ولأنه مستغنٍ عن كل أحد -عز وجل-. وقد أشار الله -عز وجل- إلى امتناع ولادته أيضاً في قوله تعالى: (( أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ))[الأنعام: 101]. فالولد يحتاج إلى صاحبة تلده، وكذلك هو خالق كل شيء، فإذا كان خالق كل شيء فكل شيء منفصل عنه بائن منه. وفي قوله: (لم يلد) رد على ثلاث طوائف منحرفة من بني 'آدم'، وهم: المشركون، واليهود، والنصارى. - لأن المشركين جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، وقالوا: (إن الملائكة بنات الله). - واليهود قالوا: ('عزير' ابن الله). - والنصارى قالوا: ('المسيح' ابن الله). فكذبهم الله بقوله: (لم يلد). (( وَلَمْ يُولَدْ )) : لأنه -عز وجل- هو الأول الذي ليس قبله شيء، فكيف يكون مولوداً؟! (( وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ )) أي: لم يكن له أحد مساوياً في جميع صفاته، فنفى الله -سبحانه وتعالى- عن نفسه أن يكون والداً، أو مولوداً، أو له مثيل. وهذه السورة لها فضل عظيم. قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنها تعدل ثلث القرآن» [متفق عليه]، لكنها تعدله ولا تقوم مقامه، فهي تعدل ثلث القرآن لكن لا تقوم مقام ثلث القرآن. بدليل أن الإنسان لو كررها في الصلاة الفريضة ثلاث مرات لم تكفه عن الفاتحة، مع أنه إذا قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله، لكنها لا تجزئ عنه، ولا تستغرب أن يكون الشيء معادلاً للشيء ولا يجزئ عنه. فها هو النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فكأنما أعتق أربعة أنفس من بني 'إسماعيل'، أو من ولد 'إسماعيل'» [أخرجه مسلم]، ومع ذلك لو كان عليه رقبة كفارة، وقال هذا الذكر، لم يكفه عن الكفارة، فلا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون قائماً مقامه في الإجزاء. هذه السورة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في الركعة الثانية في سنة الفجر [أخرجه مسلم]، وفي سنة المغرب [أخرجه الترمذي، وابن ماجه]، وفي ركعتي الطواف [أخرجه مسلم]، وكذلك يقرأ بها في الوتر [أخرجه الترمذي]، لأنها مبنية على الإخلاص التام لله، ولهذا تسمى سورة الإخلاص. رابط الموضوع : http://alhidaya.net/node/1381